منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في رحاب آية

اذهب الى الأسفل 
+3
محمد مليطان
metwally.mustafa
gawhara
7 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالجمعة 12 يونيو 2009 - 10:07


{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ . تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}


إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها . . ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة من السعادة لا تشبهها حالة . حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم .. هذه الوجوه الناضرة .. نضرها أنها إلى ربها ناظرة .. فأي مستوى من الرفعة هذا ؟ أي مستوى من السعادة ؟ إن روح الإنسان لتستمتع أحيانا بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس.. فتغمرها النشوة ، وتفيض بالسعادة .. وتتوارى عنها أشواك الحياة ، وما فيها من ألم وقبح .. وصراع شهوات وأهواء .. فكيف ؟ كيف بها وهي تنظر - لا إلى جمال صنع الله - ولكن إلى جمال ذات الله ؟ وما لها لا تتنضر وهي إلى جمال ربها تنظر ؟ إن الإنسان لينظر إلى شيء من صنع الله في الأرض .. فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه ، فيبدو فيها الوضاءة والنضارة . فكيف بها حين تنظر إلى جمال الكمال .. ( ووجوه يومئذ باسرة ، تظن أن يفعل بها فاقرة ) . وهي الوجوه الكالحة المتقبضة التعيسة .. وهي التي يشغلها ويحزنها ويخلع عليها البسر والكلوحة توقعها أن تحل بها الكارثة القاصمة للظهر ، المحطمة للفقار .. الفاقرة ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالسبت 13 يونيو 2009 - 15:20


{أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى. ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى. أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى}


إن هذا المقطع الأخير من السورة عظيم الإيقاع ، يشتمل على لفتات عميقة إلى حقائق كبيرة .. وأولى هذه اللفتات تلك اللفتة إلى التقدير والتدبير في حياة الإنسان: ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) .. فلقد كانت الحياة في نظر القوم حركة لا علة لها ولا هدف ولا غاية .. أرحام تدفع وقبور تبلع .. وبين هاتين لهو ولعب ، وزينة وتفاخر ، ومتاع قريب من متاع الحيوان .. فأما أن يكون هناك ناموس ، وراءه هدف ،ووراء الهدف حكمة ؛ وأن يكون قدوم الإنسان إلى هذه الحياة وفق قدر يجري إلى غاية مقدرة ، وأن ينتهي إلى حساب وجزاء ، وأن تكون رحلته على هذه الأرض ابتلاء ينتهي إلى الحساب والجزاء .. أما هذا فكان أبعد شيء عن تصور الناس ومداركهم ، في ذلك الزمان .

وهذا هو التصور الكبير الذي نقل القرآن الناس إليه منذ ذلك العهد البعيد ، نقلة هائلة بالقياس إلى التصورات السائدة إذ ذاك وما تزال هائلة بالقياس إلى سائر التصورات الكونية التي عرفتها الفلسفة قديما وحديثا .

وفي غير تعقيد ولا غموض يأتي بالدلائل الواقعة البسيطة التي تشهد بأن الإنسان لن يترك سدى .. إنها دلائل نشأته الأولى : ( ألم يك نطفة من مني يمنى ؟ ثم كان علقة فخلق فسوى ؟ فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ؟ ) .

فما هذا الإنسان ؟ مم خلق ؟ وكيف كان ؟ وكيف صار ؟ ألم يك نطفة صغيرة من الماء ، من مني يمنى ويراق ؟ ألم تتحول هذه النطفة من خلية واحدة صغيرة إلى علقة ذات وضع خاص في الرحم ، تعلق بجدرانه لتعيش وتستمد الغذاء ؟ .. ثم من ذا الذي خلقها بعد ذلك جنينا معتدلا منسق الأعضاء ؟ .. ثم في النهاية . من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة .. الذكر والأنثى ؟ .. وأمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا على الحس البشري ، يجيء الإيقاع الشامل لجملة من الحقائق التي تعالجها السورة : ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ ) .. بلى ! سبحانه ! فإنه لقادر على أن يحيي الموتى !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأحد 14 يونيو 2009 - 15:28

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا. فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا}



( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ) . إنها اللفتة الأولى إلى مصدر التكليف بهذه الدعوة ، وينبوع حقيقتها .. إنها من الله . هو مصدرها الوحيد . وهو الذي نزل بها القرآن . فليس لها مصدر آخر .. وكل ما عدا هذا المصدر لا يتلقى عنه ، ولا يستمد منه .. ولا يخلط بها منه شيء .. ثم إن الله الذي نزل هذا القرآن وكلـف بهذه الدعوة لن يتركها . ولن يترك الداعي إليها ، وهو كلفه ، وهو نزل القرآن عليه . ولكن الباطل يتبجح .. والصد عن سبيل الله يملكه أعداء الدعوة ويقومون به ويصرون عليه .. ثم هم يعرضون المصالحة .. والإلتقاء في منتصف الطريق .. وهو عرض يصعب رده ورفضه في مثل تلك الظروف العصيبة ! هنا تجيء اللفتة الثانية : ( فاصبر لحكم ربك ، ولا تطع منهم آثما أو كفورا ). إن الأمور مرهونة بقدر الله . وهو يمهل الباطل ، ويملي للشر ، ويطيل أمد المحنة على المؤمنين والابتلاء والتمحيص .. كل أولئك لحكمة يعلمها ، يجري بها قدره ، وينفذ بها حكمه .. ( فاصبر لحكم ربك ) .. حتى يجيء موعده المرسوم .. اصبر على الأذى والفتنة . واصبر على الباطل يغلب ، والشر ينتفخ . ثم اصبر أكثر على ما أوتيته من الحق الذي نزل به القرآن عليك . اصبر ولا تستمع لما يعرضونه من المصالحة والالتقاء في منتصف الطريق على حساب العقيدة : ( ولا تطع منهم آثما أو كفورا ) .. فإنه لا لقاء بينك وبينهم .. اصبر ولو طال الأمد ، واشتدت الفتنة وقوي الإغراء ، وامتد الطريق . ولكن الصبر شاق ، ولا بد من الزاد والمدد المعين : ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ، ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) . هذا هو الزاد . اذكر اسم ربك في الصباح والمساء ، واسجد له بالليل وسبحه طويلا .. إنه الاتصال بالمصدر الذي نزل عليك القرآن ، وكلفك الدعوة ، هو ينبوع القوة ومصدر الزاد والمدد .. الاتصال به ذكرا وعبادة ودعاء وتسبيحا .. ليلا طويلا .. فالطريق طويل ، والعبء ثقيل . ولا بد من الزاد الكثير والمدد الكبير . وهذا هو المدد الذي يعلم - سبحانه - أنه هو الزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في ذلك الطريق الشائك .. وهو هو زاد أصحاب الدعوة إلى الله في كل أرض وفي كل جيل .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالثلاثاء 16 يونيو 2009 - 10:13

{إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا. نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا.

إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا.

وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}



إن هؤلاء الصغار الذين يستغرقون في العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا . ثقيلا بتبعاته . ثقيلا بنتائجه . ثقيلا بوزنه في ميزان الحقيقة .. إن هؤلاء لا يطاعون في شيء .. ولا يؤبه لما هم فيه من هذه العاجلة ، من ثراء وسلطان ومتاع ، فإنما هي العاجلة ، وإنما هو المتاع القليل . يتلو ذلك التهوين من أمرهم عند الله الذي أعطاهم ما هم فيه من قوة وبأس ، وهو قادر على الذهاب بهم وتبديل غيرهم منهم . ولكنه يتركهم لحكمة يجري بها قدره القديم : ( نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ، وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ) .. وهذه اللفتة تذكر هؤلاء الذين يعتزون بقوتهم ، بمصدر هذه القوة ، بل مصدر وجودهم ابتداء . ثم تطمئن الذين آمنوا - وهم في حالة الضعف والقلة - إلى أن واهب القوة هو الذي ينتسبون إليه وينهضون بدعوته . كماتقرر في نفوسهم حقيقة قدر الله وما وراءه من حكمة مقصودة ، هي التي تجري وفقها الأحداث حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين . ( وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ) .. فهم لا يعجزون الله بقوتهم ، وهو خلقهم وأعطاهم إياها . وهو قادر على أن يخلق أمثالهم في مكانهم .. فإذا أمهلهم ولم يبدل أمثالهم فهو فضله ومنته وهو قضاؤه وحكمته . ثم يوقظهم إلى الفرصة المتاحة لهم ، والقرآن يعرض عليهم ، وهذه السورة تذكرهم : ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ) .. ويعقب على هذه اللفتة بإطلاق المشيئة ، ورد كل شيء إليها ، ليكون الاتجاه الأخير إليها ، والاستسلام الأخير لحكمها ؛ وليبرأ الإنسان من قوته إلى قوتها ، ومن حوله إلى حولها .. وهو الإسلام في صميمه وحقيقته: ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ) .. ذلك كي تعلم قلوب البشر أن الله هو الفاعل المختار ، المتصرف القهار ، فتتعلم كيف تتجه إليه وتستسلم لقدره .. وهذا هو مجال هذه الحقيقة الذي تجري فيه في مثل هذه النصوص . مع تقرير ما شاءه الله لهم من منحهم القدرة على إدراك الحق والباطل ؛ والاتجاه إلى هذا أو ذاك وفق مشيئة الله ، العليم بحقيقة القلوب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأربعاء 17 يونيو 2009 - 9:17

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}


إنها أحدية الوجود .. فليس هناك حقيقة إلا حقيقته .

وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده .

وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي ، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية .

وهي - من ثم - أحدية الفاعلية .

فليس سواه فاعلا لشيء ، أو فاعلا في شيء ، في هذا الوجود أصلا .

وهذه عقيدة في الضمير وتفسير للوجود أيضا .. فإذا استقر هذا التفسير ، ووضح هذا التصور ، خلص القلب من كل غاشية ومن كل شائبة ، ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة .. فعندئذ يتحرر من جميع القيود ، وينطلق من كل الأوهاق .

يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة ، ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود كثيرة .

وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئا متى وجد الله ؟ ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله ؟ كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب .

ورد كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت ، وبه تأثرت .. وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني .

ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائما ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) ..( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ).. وبتنحية الأسباب الظاهرة كلها ، ورد الأمر إلى مشيئة الله وحدها ، تنسكب في القلب الطمأنينة ، ويعرف المتجه الوحيد الذي يطلب عنده ما يرغب ، ويتقي عنده ما يرهب .

من هنا ينبثق منهج كامل للحياة ، قائم على ذلك التفسير وما يشيعه في النفس من تصورات ومشاعر واتجاهات : منهج لعبادة الله وحده .

الذي لا حقيقة لوجود إلا وجوده ، ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعليته ، ولا أثر لإرادة إلا إرادته .

ومنهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة .

في السراء والضراء .

في النعماء والبأساء .

ومنهج للتلقي عن الله وحده .

تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين ، والشرائع والقوانين والأوضاع والنظم ، والآداب والتقاليد .

من أجل هذا كله كانت الدعوة الأولى قاصرة على تقرير حقيقة التوحيد بصورتها هذه في القلوب .

لأن التوحيد في هذه الصورة عقيدة للضمير ، وتفسير للوجود ، ومنهج للحياة .

وليس كلمة تقال باللسان أو حتى صورة تستقر في الضمير .

إنما هو الأمر كله ، والدين كله .

وما بعده من تفصيلات وتفريعات لا يعدو أن يكون الثمرة الطبيعية لاستقرار هذه الحقيقة بهذه الصورة في القلوب .

والانحرافات التي أصابت أهل الكتاب من قبل ، والتي أفسدت عقائدهم وتصوراتهم وحياتهم ، نشأت أول ما نشأت عن انطماس صورة التوحيد الخالص .

ثم تبع هذا الانطماس ما تبعه من سائر الانحرافات .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالخميس 18 يونيو 2009 - 15:17



{عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَن جَاءهُ الْأَعْمَى - وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى - أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى}


إن هذا التوجيه الذي نزل بشأن هذا الحادث هو أمر عظيم جدا .

أعظم بكثير مما يبدو لأول وهلة .

إنه معجزة ، هو والحقيقة التي أراد إقرارها في الأرض ، والآثار التي ترتبت على إقرارها بالفعل في حياة البشرية .

والحقيقة التي استهدف هذا التوجيه إقرارها هي : أن يستمد الناس في الأرض قيمهم وموازينهم من اعتبارات سماوية إلهية بحتة ، آتية لهم من السماء ، غير مقيدة بملابسات أرضهم ، ولا بمواضعات حياتهم ، ولا نابعة من تصوراتهم المقيدة بهذه المواضعات وتلك الملابسات .. وهو أمر عظيم جدا ، كما أنه أمر عسير جدا .

عسير أن يعيش الناس في الأرض بقيم وموازين آتية من السماء .

مطلقة من اعتبارات الأرض .

متحررة من ضغط هذه الاعتبارات .

وهذه هي حقيقة هذا الأمر ، الذي استهدف التوجيه الإلهي إقراره في الأرض ، بمناسبة هذا الحادث المفرد .. أن يستمد الناس قيمهم وموازينهم من السماء ، طلقاء من قيم الأرض وموازينها المنبثقة من واقعهم كله .. وهذا هو الأمر العظيم .. إن الميزان الذي أنزله الله للناس مع الرسل ، ليقوموا به القيم كلها ، هو : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. هذه هي القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل ! وهي قيمة سماوية بحتة ، لا علاقة لها بمواضعات الأرض وملابساتها إطلاقا .. ثم يجيء هذا الحادث لتقرير هذه القيمة في مناسبة واقعية محددة .

وليقرر معها المبدأ الأساسي : وهو أن الميزان ميزان السماء ، والقيمة قيمة السماء .

وأن على الأمة المسلمة أن تدع كل ما تعارف عليه الناس ، وكل ما ينبثق من علاقات الأرض من قيم وتصورات وموازين واعتبارات ، لتستمد القيم من السماء وحدها وتزنها بميزان السماء وحده ! ويجيء الرجل الأعمى الفقير .. ابن أم مكتوم .. إلى رسول الله وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش .. والرسول يدعوهم إلى الإسلام ؛ ويرجو بإسلامهم خيرا للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة .. يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول الله وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر .

لا لنفسه ولا لمصلحته ، ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام ..يجيء هذا الرجل ، فيقول لرسول الله : يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله .. ويكرر هذا وهو لا يعلم تشاغل الرسول بما هو فيه من الأمر .

فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه .

وتظهر الكراهية في وجهه – الذي لا يراه الرجل – فيعبس ويعرض .. يعرض عن الرجل المفرد الفقير الذي يعطله عن الأمر الخطير .

الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ولدينه الشيء الكثير .

وهنا تتدخل السماء .

تتدخل لتقول كلمة الفصل في هذا الأمر .. ولتقرر الميزان الذي توزن فيه القيم - بغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات .

بما في ذلك اعتبار مصلحة الدعوة كما يراها البشر .

بل كما يراها سيد البشر .

وهنا يجيء العتاب من الله العلي الأعلى لنبيه الكريم ، صاحب الخلق العظيم ، في أسلوب عنيف شديد .

وللمرة الوحيدة في القرآن كله يقال للرسول الحبيب القريب : ( كلا ! ) وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب ! ذلك أنه الأمر العظيم الذي يقوم عليه هذا الدين ! والأسلوب الذي تولى به القرآن هذا العتاب الإلهي أسلوب فريد ..( عبس وتولى . أن جاءه الأعمى ) .. بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب ! وفي هذا الأسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب - سبحانه - أن يواجه به نبيه وحبيبه . عطفا عليه ، ورحمة به ، وإكراما له عن المواجهة بهذا الأمر الكريه ! ثم يستدير التعبير .. يستدير إلى العتاب في صيغة الخطاب . فيبدأ هادئا شيئا ما : ( وما يدريك لعله يزكى ؟ أو يذكر فتنفعه الذكرى ؟ ).. ما يدريك أن يتحقق هذا الخير الكبير .

أن يتطهر هذا الرجل الأعمى الفقير .. وأن يتيقظ قلبه فيتذكر فتنفعه الذكرى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالسبت 20 يونيو 2009 - 12:55


{ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ - أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا - ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا - وَعِنَبًا وَقَضْبًا - وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا - وَحَدَائِقَ غُلْبًا - وَفَاكِهَةً وَأَبًّا - مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}



تلك هي نشأة هذا الإنسان .. فهلا نظر إلى طعامه وطعام أنعامه في هذه الرحلة ؟ وهي شيء واحد من أشياء يسرها له خالقه ؟ ( فلينظر الإنسان إلى طعامه ) .. ألصق شيء به ، وأقرب شيء إليه ، وألزم شيء له .. لينظر إلى قصته العجيبة اليسيرة ، فإن يسرها ينسيه ما فيها من العجب .

وهي معجزة كمعجزة خلقه ونشأته . ( إنا صببنا الماء صبا ) .. وصب الماء في صورة المطر حقيقة يعرفها كل إنسان في كل بيئة ، وفي أية درجة كان من درجات المعرفة والتجربة .

فهي حقيقة يخاطب بها كل إنسان .. ولا يزعم أحد أنه أنشأ هذا الماء في أي صورة من صوره ، وفي أي تاريخ لحدوثه ؛ ولا أنه صبه على الأرض صبا ، لتسير قصة الطعام في هذا الطريق ! ( ثم شققنا الأرض شقا ) .. وهذه هي المرحلة التالية لصب الماء .. وهي معجزة يراها كل من يتأمل انبثاق النبتة من التربة ؛ ويحس من ورائه انطلاق القوة الخفية الكامنة في النبتة الرخية .

( فأنبتنا فيها حبا ) .. وهو يشمل جميع الحبوب . ما يأكله الناس في أية صورة من صوره ، وما يتغذى به الحيوان في كل حالة من حالاته .

( وعنبا وقضبا ) .. والعنب معروف .

والقضب هو كل ما يؤكل رطبا غضا من الخضر التي تقطع مرة بعد أخرى .. ( وزيتونا ونخلا . وحدائق غلبا . وفاكهة وأبا ) .. والزيتون والنخل معروفان لكل عربي والحدائق جمع حديقة ، وهي البساتين ذات الأشجار المثمرة المسورة بحوائط تحميها .

و ( غلبا ) جمع غلباء .

أي ضخمة عظيمة ملتفة الأشجار .

والفاكهة من ثمار الحدائق و "الأب" أغلب الظن أنه الذي ترعاه الأنعام .

هذه هي قصة الطعام .

كلها من إبداع اليد التي أبدعت الإنسان .. هذه هي القصة التي أخرجتها يد القدرة : ( متاعا لكم ولأنعامكم ) .. إلى حين ينتهي فيه هذا المتاع ؛ الذي قدره الله حين قدر الحياة .

ثم يكون بعد ذلك أمر آخر يعقب المتاع .

أمر يجدر بالإنسان أن يتدبره قبل أن يجيء .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأحد 21 يونيو 2009 - 16:00

{ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ - وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ - وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ - وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ {4} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ - وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ - وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ - وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ - وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ - وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ - وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ - وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ - عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ }


هذا هو مشهد الانقلاب التام لكل معهود .. الانقلاب الذي يشمل الأجرام السماوية والأرضية ، والوحوش النافرة والأنعام الأليفة ، ونفوس البشر .. وتقف النفس أمام ما أحضرت من الرصيد والزاد في موقف الفصل والحساب .

وهذه الأحداث الكونية الضخام تشير بجملتها إلى أن هذا الكون الذي نعهده .

الكون المنسق الجميل ، الموزون الحركة .. أن هذا الكون سينفرط عقد نظامه ، وتتناثر أجزاؤه ، وتذهب عنه صفاته هذه التي يقوم بها ، وينتهي إلى أجله المقدر ، حيث تنتهي الخلائق إلى صورة أخرى من الكون ومن الحياة ومن الحقائق غير ما عهدت نهائيا من هذا الكون المعهود .

وهذا ما تستهدف السورة إقراره في المشاعر والقلوب كي تنفصل من هذه المظاهر الزائلة - مهما بدت لها ثابتة - وتتصل بالحقيقة الباقية .. حقيقة الله الذي لا يحول ولا يزول ، حين يحول كل شيء من الحوادث ويزول .

إن تكوير الشمس قد يعني برودتها ، وانطفاء شعلتها ، وانكماش ألسنتها الملتهبة .. قد يكون هذا ، وقد يكون غيره .. أما كيف يقع والعوامل التي تسبب وقوعه فعلم ذلك عند الله .

وانكدار النجوم قد يكون معناه انتثارها من هذا النظام الذي يربطها ، وانطفاء شعلتها وإنظلام ضوئها ... وتسيير الجبال قد يكون معناه نسفها وبسها وتذريتها في الهواء .

( وإذا العشار عطلت ) .. فالعشار هي النوق الحبالى في شهرها العاشر .. ففي هذا اليوم الذي تقع فيه هذه الأهوال تهمل هذه العشار وتعطل فلا تصبح لها قيمة ، ولا يهتم بشأنها أحد .. ( وإذا الوحوش حشرت ) .. فهذه الوحوش النافرة قد هالها الرعب والهول فحشرت وانزوت تتجمع من الهول وهي الشاردة في الشعاب ؛ ونسيت مخاوفها بعضها من بعض ، كما نسيت فرائسها .

وأما تسجير البحار فقد يكون ملؤها بالمياه .. وإما أن يكون معناه التهابها وانفجارها .

وتزويج النفوس يحتمل أن يكون هو جمع الأرواح بأجسادها بعد إعادة إنشائها .

ويحتمل أن يكون ضم كل جماعة من الأرواح المتجانسة في مجموعة .

( وإذا الموءودة سئلت : بأي ذنب قتلت ؟ ) وقد كان من هوان النفس الإنسانية في الجاهلية أن انتشرت عادة وأد البنات خوف العار أو خوف الفقر . .وكان الوأد يتم في صورة قاسية . إذ كانت البنت تدفن حية ! وكانوا يفتنون في هذا بشتى الطرق ..فأما الذين لا يئدون البنات .. فكانت لهم وسائل أخرى لإذاقتها الخسف والبخس .. حتى جاء الإسلام .

يشنع بهذه العادات ويقبحها . وينهى عن الوأد ويغلظ فعلته .

ويجعلها موضوعا من موضوعات الحساب يوم القيامة .

يذكره في سياق هذا الهول الهائج المائج .. ويقول : إن الموءودة ستسأل عن وأدها .. فكيف بوائدها ؟! ( وإذا الصحف نشرت ) صحف الأعمال .

ونشرها يفيد كشفها ومعرفتها ، فلا تعود خافية ولا غامضة .

وهذه العلنية أشد على النفوس وأنكى .

فكم من سوأة مستورة يخجل صاحبها ذاته من ذكراها.. ثم إذا هي جميعها في ذلك اليوم منشورة مشهودة .

وهذا التكشف في خفايا الصدور يقابله في الكون مشهد مثله : ( وإذا السماء كشطت ) .. وكشطها إزالتها. ثم تجيء الخطوة الأخيرة في مشاهد ذلك اليوم الهائل المرهوب : ( وإذا الجحيم سعرت . وإذا الجنة أزلفت ) .. حيث تتوقد الجحيم وتتسعر ، ويزداد لهيبها ووهجها وحرارتها .. وحيث تقرب الجنة وتظهر لروادها الموعودين بها ، وتبدو لهم سهولة مدخلها ، ويسر ولوجها .

فهي مزلفة مقربة مهيأة .

عندما تقع هذه الأحداث كلها .. عندئذ لا يبقى لدى النفوس شك في حقيقة ما عملت ، وما تزودت به لهذا اليوم ، وما حملت معها للعرض ، وما أحضرت للحساب : ( علمت نفس ما أحضرت ) .. كل نفس تعلم ، في هذا اليوم الهائل ما معها وما لها وما عليها .. تعلم وهي لا تملك أن تغير شيئا مما أحضرت ، ولا أن تزيد عليه ولا أن تنقص منه .. وقد تغير كل شيء وتبدل كل شيء ، ولم يبقى إلا وجه الله الكريم ، الذي لا يتحول ولا يتبدل .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالثلاثاء 23 يونيو 2009 - 7:21

{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ - وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ. يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ - وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ -
ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ - يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}



يقرر مصير الأبرار ومصير الفجار بعد الحساب ، القائم على ما يكتبه الكرام الكاتبون، فهو مصير مؤكد ، وعاقبة مقررة .

أن ينتهي الأبرار إلى النعيم .

وأن ينتهي الفجار إلى الجحيم .

والبر هو الذي يأتي أعمال البر حتى تصبح له عادة وصفة ملازمة .

وأعمال البر هي كل خير على الإطلاق .. كما أن الصفة التي تقابلها : ( الفجار ) فيها سوء الأدب والتوقح في مقارفة الإثم والمعصية .

والجحيم هي كفء للفجور ! ثم يزيد حالهم فيها ظهورا .. ( يصلونها يوم الدين ) .. ويزيدها توكيدا وتقريرا : ( وما هم عنها بغائبين ) لا فرارا ابتداء .

ولا خلاصا بعد الوقوع فيها ولو إلى حين .

ولما كان يوم الدين هو موضع التكذيب ، فإنه يعود إليه بعد تقرير ما يقع فيه .

يعود إليه ليقرر حقيقته الذاتية في تضخيم وتهويل بالتجهيل وبما يصيب النفوس فيه من عجز كامل وتجرد من كل شبهة في عون أو تعاون .

وليقرر تفرد الله بالأمر في ذلك اليوم العصيب : ( وما أدراك ما يوم الدين ؟ ثم ما أدراك ما يوم الدين ؟ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ، والأمر يومئذ لله ) .. والسؤال للتجهيل مألوف في التعبير القرآني .

وهو يوقع في الحس أن الأمر أعظم جدا وأهول جدا من أن يحيط به إدراك البشر المحدود .. وتكرار السؤال يزيد في الاستهوال ..ثم يجيء البيان بما يتناسق مع هذا التصوير : ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) .. فهو العجز الشامل . وهو الشلل الكامل ..( والأمر يومئذ لله ) .. يتفرد به سبحانه .

وهو المتفرد بالأمر في الدنيا والآخرة .

ولكن في هذا اليوم - يوم الدين - تتجلى هذه الحقيقة التي قد يغفل عنها في الدنيا الغافلون المغرورون .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالإثنين 29 يونيو 2009 - 1:46


{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا - وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا - وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ - فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا - وَيَصْلَى سَعِيرًا - إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا - إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ - بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا}



إن الذي يؤتى كتابه بيمينه هو المرضي السعيد ، الذي آمن وأحسن ، فرضي الله عنه وكتب له النجاة .

وهو يحاسب حسابا يسيرا .

فلا يناقش ولا يدقق معه في الحساب .

والذي يصور ذلك هو الآثار الواردة عن الرسول وفيها غناء .. عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله: من نوقش الحساب عذب قالت: قلت: أفليس قال الله تعالى: ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) .

قال : ليس ذلك بالحساب ، ولكن ذلك العرض .

من نوقش الحساب يوم القيامة عذب .. وعنها كذلك قالت : سمعت رسول الله يقول في بعض صلاته : اللهم حاسبني حسابا يسيرا .. فلما انصرف قلت : يا رسول الله ، ما الحساب اليسير ؟ قال : أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه .

من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك .. فهذا هو الحساب اليسير الذي يلقاه من يؤتى كتابه بيمينه .. ثم ينجو ( وينقلب إلى أهله مسرورا ) .. من الناجين الذين سبقوه إلى الجنة .

وهو وضع يقابل وضع المعذب الهالك المأخوذ بعمله السيء ، الذي يؤتى كتابه وهو كاره : ( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا - ويصلى سعيرا ) .. فهذه صورة جديدة : صورة إعطاء الكتاب من وراء الظهر .

وليس يمتنع أن يكون الذي يعطى كتابه بشماله يعطاه كذلك من وراء ظهره .

فهي هيئة الكاره المكره الخزيان من المواجهة .

فهذا التعيس الذي قضى حياته في الأرض كدحا ، وقطع طريقه إلى ربه كدحا - ولكن في المعصية والإثم والضلال - يعرف نهايته ، ويواجه مصيره .. فيدعو ثبورا ، وينادي الهلاك لينقذه مما هو مقدم عليه من الشقاء .

وحين يدعو الإنسان بالهلاك لينجو به ، يكون في الموقف الذي ليس بعده ما يتقيه .

حتى ليصبح الهلاك أقصى أمانيه .. ( ويصلى سعيرا ) .. وهذا هو الذي يدعو الهلاك لينقذه منه .. وهيهات هيهات ! وأمام هذا المشهد التعيس يكر السياق راجعا إلى ماضي هذا الشقي الذي انتهى به إلى هذا الشقاء .. ( إنه كان في أهله مسرورا . إنه ظن أن لن يحور ) .. وذلك كان في الدنيا ..( إنه كان في أهله مسرورا ) .. غافلا عما وراء اللحظة الحاضرة ؛ لاهيا عما ينتظره في الدار الآخرة ، لا يحسب لها حسابا ولا يقدم لها زادا .. ( إنه ظن أن لن يحور ) إلى ربه ، ولن يرجع إلى بارئه ، ولو ظن الرجعة في نهاية المطاف لاحتقب بعض الزاد ولادخر شيئا للحساب ! ( بلى إن ربه كان به بصيرا ) .. إنه ظن أن لن يحور . ولكن الحقيقة أن ربه كان مطلعا على أمره ، محيطا بحقيقته ، عالما بحركاته وخطواته .. وكذلك كان ، حين انتهى به المطاف إلى هذا المقدور في علم الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالثلاثاء 30 يونيو 2009 - 14:30


{وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ - وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ - وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}


تبدأ السورة بهذا القسم : بالسماء ذات البروج ، وهي إما أن تكون أجرام النجوم الهائلة وكأنها بروج السماء الضخمة أي قصورها المبنية .. وإما أن تكون هي المنازل التي تتنقل فيها تلك الأجرام في أثناء دورانها .. والإشارة إليها يوحي بالضخامة .

( واليوم الموعود ) .. وهو يوم الفصل في أحداث الدنيا .. وهو الموعود الذي وعد الله بمجيئه ، ووعد بالحساب والجزاء فيه ، وأمهل المتخاصمين والمتقاضين إليه . ( وشاهد ومشهود ) .. في ذلك اليوم الذي تعرض فيه الأعمال ، وتعرض فيه الخلائق ، فتصبح كلها مشهودة ، ويصبح الجميع شاهدين .

وتلتقي السماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود .. تلتقي جميعا في إلقاء ظلال الاهتمام والاحتفال والاحتشاد والضخامة على الجو الذي يعرض فيه بعد ذلك حادث الأخدود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأربعاء 1 يوليو 2009 - 14:36


{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ - النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ - إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ - وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ - وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ - الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}



تبدأ الإشارة إلى الحادث بإعلان النقمة على أصحاب الأخدود : ( قتل أصحاب الأخدود ) .. وهي كلمة تدل على الغضب .. كما تدل على شناعة الذنب الذي يثير غضب الحليم ، ونقمته ، ووعيده بالقتل لفاعليه ثم يجيء تفسير الأخدود : ( النار ذات الوقود ) والأخدود : الشق في الأرض .

وكان أصحابه قد شقوه وأوقدوا فيه النار حتى ملأوه نارا.

( إذ هم عليها قعود - وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ) .. وهو تعبير يصور موقفهم ومشهدهم ، وهم يوقدون النار ، ويلقون بالمؤمنين والمؤمنات فيها وهم قعود على النار ، قريبون من عملية التعذيب البشعة ، يشاهدون التعذيب وفعل النار في الأجسام في لذة وسعار .

وما كان للمؤمنين من ذنب عندهم ولا ثأر : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد - الذي له ملك السماوات والأرض - والله على كل شيء شهيد ) .. فهذه جريمتهم أنهم آمنوا بالله ، العزيز : القادر على ما يريد ، الحميد : المستحق للحمد في كل حال .. وهو وحده الذي له ملك السماوات والأرض وهو يشهد كل شيء .. ثم هو الشهيد على ما كان من أمر المؤمنين وأصحاب الأخدود .. وهذه لمسة تطمئن قلوب المؤمنين ، وتهدد العتاة المتجبرين .

فالله كان شهيدا .

وكفى بالله شهيدا .

وتنتهي رواية الحادث في هذه الآيات القصار ، التي تملأ القلب بشحنة من الكراهية لبشاعة الفعلة وفاعليها .. كذلك تنتهي رواية الحادث وقد ملأت القلب بالروعة .

روعة الإيمان المستعلي على الفتنة ، والعقيدة المنتصرة على الحياة .. فقد كان في مكنة المؤمنين أن ينجوا بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم .

ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم في الدنيا قبل الآخرة ؟ وكم كانت البشرية كلها تخسر ؟ كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير : معنى زهادة الحياة بلا عقيدة ، وبشاعتها بلا حرية ، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح بعد سيطرتهم على الأجساد ! إنه معنى كريم جدا ومعنى كبير جدا هذا الذي ربحوه وهم بعد في الأرض .

ربحوه وهم يجدون مس النار فتحترق أجسادهم ، وينتصر هذا المعنى الكريم الذي تزكيه النار ؟ وبعد ذلك لهم عند ربهم حساب ، ولأعدائهم الطاغين حساب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالجمعة 3 يوليو 2009 - 5:55


(أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى الله ويَستَغفِرونَهُ واللهُ غَفُورُ رَحيمٌ).


الدلائل على حب الله تعالى لعباده في القرآن الكريم لا تحصى وأهمها : قبوله تعالى توبة العصاة ، والتجاوزعن سيئاتهم، والإنعام بالرضا، والحب بعد الغضب، ومن ذلك قوله تعالى : (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله).

(ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) .

(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).

إلى آيات كثيرة تدعو الخاطئين إلى رحاب الله الودود الرحيم التواب الغفور، بعد ما بارزوه بالعصيان فسبحانه من متفضل منعم في حالي الطاعة والعصيان.

لقد علم الله الإنسان كلمات التوبة وأعمالها بعد أن عصاه: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيهِ).

فلا رحمة ولا مودة أعظم من ذلك، وما زال الرحمن الرحيم يبسط يديه إلى عباده ليقبل عنهم التوبة حبا لهم، وهو غني عنهم، بل التوبة والإيمان والعمل الصالح باب فلاح العبد في الدنيا والآخرة.

قال رجال السلوك: التوبة أول منزلة من منازل السالكين، وأول مقام من مقامات الطالبين.

وهي في لغة العرب: الرجوع.

يقال: تاب، أي رجع. فالتوبة: الرجوع عما كان مذموماً في الشرع إلى ما هو محمود فيه.

وأجمع العلماء على أن التوبة واجبة من كل ذنب.

فإن كانت معصية بين العبد وبين الله تعالى، ولا تتعلق بحق آدمي، فلها شروط ثلاثة: أحدها: أن يقلع عن المعصية.

الثاني: أن يندم فعلها.

الثالث: أن يندم على ألا يعود إليها أبدا.

فإن كانت معصية تتعلق بحق آدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة المتقدمة.

والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها.

فإن كان مالا، أو نحوه رده إليه.

وإن كان غيبة استحله منها.

وإن كان حد قذف، أو نحوه مكنه من القصاص أو طلب عفوه.

والتوبة واجبة على الفور من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته مما تاب منه، وبقي عليه ما لم يتب منه.

فسبحان من يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
metwally.mustafa
فريق أول
فريق أول
metwally.mustafa


عدد الرسائل : 4226
العمر : 38
الموقع : Egypt
العمل/الترفيه : automation engineer
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالجمعة 3 يوليو 2009 - 10:55

جزاك الله كل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالسبت 4 يوليو 2009 - 14:25

وجزاكم مثله والمؤمنين أخي العزيز


{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}


إن العلم بلا إله إلا الله ليس سهلا كما يبدو، بل هو من أصول السلوك.

فهو يقتضي أن يسلك المؤمن في حياته موقنا أنه لا نافع ولا ضار سواه، ولا يتوكل على أحد سواه، ولا يجزع إن قضى عليه بما لا يوافق هواه، ويوقن أن كل ما يرد عليه من القضاء فإنما هو خير .

{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} أخرج الترمذي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: (يا بن آدم، إِنَّك مَا دَعَوتَني ورَجوتَني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي. يا بن آدم، لو بلَغت بك ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي. يا بن آدم، لو أَتَيتَني بِقُرَاب الأَرض خطايا، ثم لقيتَني لا تشرك بي شيئاً أَتيتُك بقُرابِها مغفرة).

وتلك المغفرة لأهل الدعاء والاستغفار والبراءة من الشرك الظاهر والخفي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالإثنين 6 يوليو 2009 - 15:44


{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ - لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ - وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ - وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ - وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ - لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }


لم يكن العرب يجحدون الله ولكن كانوا لا يعرفونه بحقيقته التي وصف بها نفسه: أحد، صمد .

فكانوا يشركون به ولا يقدرونه حق قدره ، ولا يعبدونه حق عبادته .. ولكنهم مع إيمانهم بالله كان هذا الشرك يفسد عليهم تصورهم كما كان يفسد عليهم تقاليدهم وشعائرهم ، فيجعلون للآلهة المدعاة نصيبا في زرعهم وأنعامهم ونصيبا في أولادهم .

حتى ليقتضي هذا النصيب أحيانا التضحية بأبنائهم .

وكانوا يعتقدون أنهم على دين إبراهيم ، وأنهم أهدى من أهل الكتاب ، الذين كانوا يعيشون معهم في الجزيرة العربية .. فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم يقول : إن دينه هو دين إبراهيم - عليه السلام - قالوا : نحن على دين إبراهيم فما حاجتنا إذن إلى ترك ما نحن عليه واتباع محمد ؟! وفي الوقت ذاته راحوا يحاولون مع الرسول خطة وسطا بينهم وبينه ؛ وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه ! وأن يسكت عن عيب آلهتهم وعبادتها ، وله فيهم وعليهم ما يشترط .. ولعل اختلاط تصوراتهم ، واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه .. لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة ، يمكن التفاهم عليها .. والالتقاء في منتصف الطريق .

ولحسم هذه الشبهة ، وقطع الطريق على المحاولة ، والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة ، ومنهج ومنهج ، وتصور وتصور ، وطريق وطريق .. نزلت هذه السورة . بهذا الجزم .

ولهذا التوكيد .

وبهذا التكرار .

لتنهي كل قول ، وتقطع كل مساومة وتفرق نهائيا بين التوحيد والشرك ، وتقيم المعالم واضحة ، لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير : ( قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، ولا أنا عابد ما عبدتم ، ولا أنتم عابدون ما أعبد . لكم دينكم ولي دين ) .

إن الجاهلية جاهلية ، والإسلام إسلام .

والفارق بينهما بعيد .

والسبيل هو الخروج عن الجاهلية بجملتها إلى الإسلام بجملته .

هو الانسلاخ من الجاهلية بكل ما فيها والهجرة إلى الإسلام بكل ما فيه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:09


{ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }



هذه السورة الصغيرة .. كما تحمل البشرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله أفواجا ؛ وكما توجهه حين يتحقق نصر الله وفتحه واجتماع الناس على دينه إلى التوجه إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار .. كما تحمل إلى الرسول البشرى والتوجيه .. تكشف في الوقت ذاته عن طبيعة هذه العقيدة وحقيقة هذا المنهج ، ومدى ما يريد أن يبلغ بالبشرية من الرفعة والكرامة .. والانطلاق والتحرر .

( إذا جاء نصر الله ... ) .. فهو نصر الله يجيء به الله : في الوقت الذي يقدره .

في الصورة التي يريدها .

للغاية التي يرسمها .

وليس للنبي ولا لأصحابه من أمره شيء ، وليس لهم في هذا النصر يد .

إنما هو أمر الله يحققه بهم أو بدونهم .

وبناء على هذا الإيحاء .. يتحدد شأن الرسول ومن معه بإزاء تكريم الله لهم ، وإكرامهم بتحقيق نصره على أيديهم .

إن شأنه - ومن معه - هو الاتجاه إلى الله بالتسبيح وبالحمد والاستغفار في لحظة الانتصار .

التسبيح والحمد على ما أولاهم من منة بأن جعلهم أمناء على دعوته حراسا لدينه .

وعلى ما أولى البشرية كلها من رحمة بنصره لدينه ، وفتحه على رسوله ودخول الناس أفواجا في هذا الخير الفائض العميم ، بعد العمى والضلال والخسران .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأربعاء 8 يوليو 2009 - 15:47


{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ - مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ - سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ - وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ - فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ }


أبو لهب – [ واسمه عبد العزى بن عبد المطلب ] - هو عم النبي وإنما سمي أبو لهب بهذ الاسم لإشراق وجهه ، وكان هو وامرأته "أم جميل" من أشد الناس إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللدعوة التي جاء بها .. ولقد اتخذ أبو لهب موقفه هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول للدعوة .

و نزلت هذه السورة ترد على هذه الحرب المعلنة من أبي لهب وامرأته .

وتولى الله - سبحانه - عن رسوله أمر المعركة ..( تبت يدا أبي لهب وتب ) .. والتباب الهلاك والبوار والقطع .

( وتبت ) الأولى دعاء .

( وتب ) الثانية تقرير لوقوع هذا الدعاء .

( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) .. لم يغن عنه ماله وسعيه ولم يدفع عنه الهلاك والدمار .

ذلك - كان - في الدنيا .

أما في الآخرة فإنه : ( سيصلى نارا ذات لهب ) .. ( وامرأته حمالة الحطب ) .. وستصلاها معه امرأته حالة كونها حمالة للحطب .. وحالة كونها : ( في جيدها حبل من مسد ) .. أي من ليف .. تشد هي به في النار .

أو هي الحبل الذي تشد به الحطب .

إن هذا التناسق القوي في التعبير جعل أم جميل تحسب أن الرسول قد هجاها بشعر . . ولكن الصورة الزرية المثيرة للسخرية التي شاعت في آياتها ، قد سجلت في الكتاب الخالد ، وسجلتها صفحات الوجود أيضا تنطق بغضب الله وحربه لأبي لهب وامرأته جزاء الكيد لدعوة الله ورسوله ، والتباب والهلاك والسخرية والزراية جزاء الكائدين لدعوة الله في الدنيا ، والنار في الآخرة جزاء وفاقا ، والذل الذي يشير إليه الحبل في الدنيا والآخرة جميعا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالجمعة 10 يوليو 2009 - 14:59


{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }


يبين تعالى أنه خالق أفعال العباد، وأنه المحمود على جميع ما صدر منهم من خير، لأنه هو الذي وفقهم لذلك وأعانهم عليه، ولهذا قال عروة بن الزبير في قوله‏:‏{وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا‏}‏ أي ليعرف المؤمنين نعمته عليهم، من إظهارهم على عدوهم مع كثرة عدوهم وقلة عددهم، ليعرفوا بذلك حقه ويشكروا بذلك نعمته.

فالآيات تؤكد تدبير الله للمؤمنين من فوق سبع سماوات من وراء الحركة الظاهرة أمام العصبة المؤمنين، والشواهد على ذلك كثيرة في الماضي والحاضر، ففي غزوة بدر ـ التي نزلت هذه الآيات فيها ـ نجد رمية الحصى التي رماها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه الكفار قائلا: شاهت الوجوه ، هذه الرمية لم تبق في ذلك اليوم أحد من المشركين إلا وقد أصابه منها‏، فهي حقا رمية من الله تعالى بيد رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم يختم الله الآية بقوله: {إن الله سميع عليم} ‏ سميع الدعاء، عليم‏ بمن يستحق النصر والغلب، يسمع استغاثتكم ويعلم حالكم، ويجعلكم ستارا لقدرته متى علم منكم الخلوص له، ويعطيكم النصر والأجر كما أعطاكم في بدر.

والآية متجددة في كل زمان ومكان، فإذا استعان المسلمون بالله تعالى...ووثقوا بقدرته...وتوكلوا عليه ـ مع إعداد العدة والأخذ بالأسباب ـ حينئذ يستحق المسلمون معية الله...ويكونوا مؤهلين حقا أن يرمي الله عنهم...وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالسبت 11 يوليو 2009 - 14:51


{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }


تطوف بنا هذه الآية الكريمة في أعماق الشخصية المؤمنة، وتحلل هذه الشخصية لكي تصل بنا إلى سمات أساسية ينبغي على كل من يحمل لقب (مؤمن) أن يتحلى بهذه السمات، فمن سمات هذه الشخصية: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} إنها الارتعاشة الوجدانية التي تنتاب القلب المؤمن حين يذكر بالله في أمر أو نهي فيغشاه جلاله، وتنتفض فيه مخافته، ويتمثل عظمة الله ومهابته، إلى جانب تقصيره هو وذنبه، فينبعث إلى العمل والطاعة، أو كما وصفها أحد السلف _وهو ثابت البناني_ حين قال‏:‏ إني لأعلم متى يستجاب لي‏.‏

قالوا‏:‏ ومن أين يعلم ذاك‏؟‏ قال‏:‏ إذا اقشعر جلدي، ووجل قلبي، وفاضت عيناي، فذاك حين يستجاب لي‏.

وتأمل معي هذا الاختبار الإيماني الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه _وهو الحارث بن مالك الأنصاري_ فقد ورد أنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ‏"‏ كيف أصبحت يا حارث‏؟‏ قال‏:‏ أصبحت مؤمنا حقا‏.‏

قال‏:‏ انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ فقال‏:‏ عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها‏.‏

قال‏:‏ يا حارث عرفت فالزم ـ ثلاثا ـ‏"‏‏.‏ ومن سمات الشخصية المؤمنة أيضا: {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} إن هذا القرآن يتعامل مع القلب البشري بلا واسطة، ولا يحول بينه وبينه شيء إلا الكفر الذي يحجبه عن القلب ويحجب القلب عنه، فإذا رفع هذا الحجاب بالإيمان وجد القلب حلاوة هذا القرآن، ووجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في الإيمان تصل إلى الاطمئنان.

وبهذا الإيمان كانوا يجدون في القرآن ذلك المذاق الخاص، وكانوا يعيشون القرآن فعلا وواقعا، ولا يزاولونه مجرد تذوق وإدراك!

ومن ذلك قول أحد الصحابة "كنا نؤتى الإيمان قبل أن نؤتى القرآن.

وهذه العصبة المؤمنة التي تتحرك بهذا القرآن لإعادة إنشاء هذا الدين في واقع الناس هي التي تتذوق القرآن، وتجد في تلاوته ما يزيد قلوبها إيمانا، لأنها ابتداءً مؤمنةٌ، الدين عندها هو الحركة لإقامة هذا الدين بعد الجاهلية التي عادت فطغت على الأرض جميعا... وليس الإيمان عندها بالتمني لكن ما وقر في القلب وصدقه العمل.

ومن سماتها أيضا: {وعلى ربهم يتوكلون} أي لا يرجون سواه... ولا يقصدون إلا إياه...ولا يلوذون إلا بجنابه...ولا يطلبون الحوائج إلا منه...ولا يرغبون إلا إليه...ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن...وأنه المتصرف في الملك لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالسبت 11 يوليو 2009 - 15:12


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ - وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ - إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }



إن النداء هنا للذين آمنوا ليطيعوا الله ورسوله ولا يتولوا عنه وهم يسمعون آياته وكلماته، ولقد جاء هذا النداء بعد مقدماته الموحية ، يجيء بعد استعراض أحداث غزوة بدر؛ وبعد رؤية يد الله فيها وتدبيره وتقديره؛ وعونه ومدده؛ وبعد توكيد أن الله مع المؤمنين؛ وأن الله موهن كيد الكافرين؛ فما يبقى بعد ذلك كله مجال لغير السمع والطاعة لله والرسول.

وإن التولي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأوامره بعد هذا كله ليبدو مستنكرا قبيحا لا يقدم عليه إنسان له قلب يتدبر وعقل يتفكر...ومن هنا يجيء ذكر الدواب في موضعه المناسب، في إشارة خفية منه إلى الأنعام، وبوصفه ـ جل وعلا ـ المخالفين لأمر الله ورسوله بالصم البكم الذين لا يعقلون يخلع عليهم صورة البهائم ، فالبهائم لها آذان ولكنها لا تسمع إلا كلمات مبهمة؛ ولها لسان ولكنها لا تنطق أصواتا مفهومة، إلا أن البهائم مهتدية بفطرتها فيما يتعلق بشؤون حياتها الضرورية، أما هؤلاء الدواب فهم موكولون إلى إدراكهم الذي لا ينتفعون به، فهم شر الدواب قطعا.

فانظر أخي المسلم وتأمل في حالك هل تسمع أوامر الله ورسوله سماع تدبر مع عزم على الطاعة والتنفيذ؟! أم أن سماعك سماع الدواب التي لا تعقل؟! أعيذك بالله أن تكون من هؤلاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأحد 12 يوليو 2009 - 15:37


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }



هي دعوة للحياة في كل صورها وأشكالها، وفي كل مجالاتها ودلالاتها، والقرآن يجمل هذا كله في كلمات قليلة موحية {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.

عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏إذا دعاكم لما يحييكم‏}‏ قال‏:‏ هو هذا القرآن فيه الحياة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة.

إنها دعوة إلى شريعة من عند الله تعلن تحرر الإنسان وتكرمه بصدورها عن الله وحده ووقوف البشر كلهم صفا متساوين في مواجهتها، فلا يتحكم فرد في شعب، ولا طبقة في أمة، ولا جنس في جنس، ولكنهم ينطلقون كلهم أحرارا متساوين في ظل شريعة صاحبها الله رب العباد.

دعوة إلى عقيدة تحيي القلوب والعقول وتحررها من أوهام الجهل والخرافة ومن الخضوع المذل للأسباب الظاهرة والحتميات القاهرة ومن العبودية لغير الله والمَذلة للعبد أو للشهوات .

دعوة للجهاد في سبيل الله لتقرير ألوهية الله سبحانه في الأرض وفي حياة الناس، وتحطيم ألوهية العبيد المدعاة، ومطاردة هؤلاء المعتدين على ألوهية الله سبحانه وحاكميته وسلطانه حتى يفيئوا إلى حاكمية الله وحده، حتى إذا أصابهم الموت في هذا الجهاد كان لهم في الشهادة حياة.

عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله ‏{إذا دعاكم لما يحييكم‏}‏ أي للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم، ويؤيد هذا المعنى أن مناسبة نزول هذه الآية في غزوة بدر الكبرى.

دعوة إلى منهج للحياة... منهج للفكر... منهج للتصور... يطلقهم من كل قيد إلا ضوابط الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالإثنين 13 يوليو 2009 - 15:04


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}



إن تقوى الله تجعل في القلب فرقانا يكشف له منعرجات الطريق ولكن هذه الحقيقة ـ ككل حقائق العقيدة ـ لا يعرفها إلا من ذاقها فعلا؛ فمَنْ ذاقَ عَرف.

إن الحق في ذاته لا يخفى على الفطرة ، ولكنه الهوى الذي يحول بين الحق والفطرة، والهوى لا تدفعه الحجة وإنما تدفعه التقوى...تدفعه مخافة الله ومراقبته في السر والعلن، ومن ثم هذا الفرقان الذي ينير البصيرة ويرفع اللبس ويكشف الطريق.

وهو أمر لا يقدر بثمن ولكن فضل الله العظيم يضيف إليه تكفير الخطايا ومغفرة الذنوب ثم يضيف إليهما الفضل العظيم.

ألا إنه العطاء العميم الذي لا يعطيه إلا الرب الكريم ذو الفضل العظيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالثلاثاء 14 يوليو 2009 - 22:34


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }



في هذه الآية تذكير للرسول صلى الله عليه وسلم بخبر المكر به من قادة الجاهلية والشرك، وسياق الخبر يوحي للنبي والدعاة من بعده بالثقة واليقين في المستقبل، كما ينبه إلى قدر الله وحكمته فيما يقضي به ويأمر.

لقد اجتمع قادة الجاهلية يمكرون للتخلص من الرأس المدبر لهذه الدعوة وقدمت الاقتراحات: إما أن يوثقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبسوه حتى يموت، وإما أن يقتلوه ويتخلصوا منه، وإما أن يخرجوه من مكة منفيا مطرودا...ولقد تشاوروا في هذا كله واختاروا قتله، على أن يتولى ذلك المنكَر فتيةٌ من القبائل جميعا ليتفرق دمه، ويعجز بنو هاشم عن قتال العرب كلهم فيرضوا بالدية وينتهي الأمر.

وبدءوا في تنفيذ الخطة ورصدوه على باب منزله طول ليلتهم ليقتلوه إذا خرج؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه، ودعا الله عز وجل أن يعمي عليهم أثره، فطمس الله على أبصارهم، فخرج وقد غشيهم النوم، فوضع على رؤوسهم ترابا ونهض‏.‏

فلما أصبحوا خرج عليهم علي فأخبرهم أن ليس في الدار أحد، فعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فات ونجا من هذا المكر بأمر الله وحده وتدبيره ومكره لدعوته ودينه‏.

ثم يرسم القرآن صورة عميقة التأثير...ذلك حين تتراءى للخيال ندوة قريش وهم يتآمرون ويدبرون ويمكرون، والله من ورائهم محيط يمكر بهم ويبطل كيدهم وهم لا يشعرون.

إنها صورة ساخرة وهي في الوقت ذاته صورة مفزعة...فأين هؤلاء البشر الضعاف المهازيل من تلك القدرة القادرة!! قدرة الله الجبار...القاهر فوق عباده...الغالب على أمره وهو بكل شئ محيط!!..فهل يبقى بعد هذا في قلب المؤمن أدنى خشية أو مهابة أو وجل لغير هذا الإله القادر؟!.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
gawhara
لواء
لواء



عدد الرسائل : 1601
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

في رحاب آية Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب آية   في رحاب آية Emptyالأربعاء 15 يوليو 2009 - 16:13


{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }



إن الصراع بين الحق والباطل لن يكف، وإن أعداء هذا الدين لن يدعوه في راحة، ولن يتركوا أولياءه في أمن، وسبيل هذا الدين أن يتحرك ليهاجم الجاهلية وسبيل أوليائه أن يتحركوا لتحطيم قدرة الجاهلية على العدوان، ثم لإعلاء راية الله حتى لا يجرؤ عليها طاغوت.

والله سبحانه ينذر الكفار الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله بأنها ستعود عليهم بالحسرة وأنهم سينفقونها لتضيع في النهاية وليغلبوا هم وينتصر الحق في هذه الدنيا، كل هذا فضلا عن أنهم سيحشرون في الآخرة إلى جهنم فتتم الحسرة الكبرى.

والآيات تتحدث عن واقعة بعينها هي غزوة بدر الكبرى وتشير إلى الأموال الطائلة التي أنفقها الكفار في ذلك اليوم للصد عن سبيل الله وللنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فماذا كانت العاقبة لهؤلاء المشركين؟!!.. كانت بالهزيمة والخسران في الأموال والأنفس الذي صاحبه الحسرة والندامة، وكل هذا العذاب في هذه الحياة الدنيا.

ولكن سياق الآية يوحي أن ما حدث للمشركين في بدر سيتحقق ويحدث لكل من صد عن سبيل الله ووقف في طريق دينه وأوليائه فعاقبته الحسرة والهزيمة في الدنيا، والعذاب والجحيم في الآخرة.

إنها بشرى وأمل للمؤمنين...الموقنين بهذا الكتاب...المتتبعين لسنة الله في هذه الأرض...ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في رحاب آية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 10انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» فى رحاب حديث(اين المتحابون)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات :: منتديات الإسلاميات :: منتدى التلاوة وعلوم القرءان-
انتقل الى: